آخر الأخبار

خالد الوزني يكتب : التكوين الرأسمالي الثابت

خالد الوزني يكتب : التكوين الرأسمالي الثابت
جوهرة العرب _ خالد الوزني 
 


 
التكوين الرأسمالي الثابت هو التعبير الاقتصادي العلمي للاستثمار في معادلة الحسابات القومية للناتج المحلي الإجمالي للدول. ويعلم الاقتصاديون والمختصون أنَّ الحقيقة الوحيدة الواضحة لكل من يعي مفهوم النمو والتنمية الاقتصادية تكمن في أنَّ المتغير الوحيد القادر على تحريك كافة المتغيرات الأخرى في حسابات الناتج المحلي الإجمالي هو الاستثمار. فزيادة الإنفاق الرأسمالي الثابت، أي ارتفاع قيمة الاستثمار في الدولة، سيعني بالضرورة إنشاء استثمارات جديدة، أو توسعة الاستثمارات القائمة، ما يؤدي بالضرورة إلى توليد وظائف جديدة في الاقتصاد، ويعني تحصيل ضرائب إضافية للدولة، سواءً من الأفراد أو من المؤسسات، ويخلق علاقات تجارية خارجية متنوعة عبر الواردات والصادرات. أي إنَّ المعامل الوحيد لتحقيق نمو اقتصادي للدولة يكمن في تحريك متغير الاستثمار بشكل إيجابي. مفهوم التكوين الرأسمالي الثابت، يقوم أساساً على استغلال موارد الدولة الطبيعية والبشرية لتحقيق إنتاج صناعي أو زراعي أو خدمي، وبالتالي تحريك عجلة معادلة الناتج المحلي بكافة عناصرها. الشاهد مما سبق، أنَّ الدول في العالم تتنافس على جذب الاستثمارات الخارجية، وتحفيز الاستثمارات المحلية؛ لأنهما السبيل الوحيد لتحريك عناصر النمو المختلفة في معادلة الناتج المحلي الإجمالي. التنافس الدولي على ذلك جعل الدول حول العالم تهرع دوماً إلى سياسات استثمارية محفزة للنمو المحلي، وجاذبة للاستثمار الخارجي. وقد وصل حجم الاستثمار الخارجي حول العالم قبل جائحة كورونا ما يزيد على 1.5 تريليون دولار، تنافست عليها دول العالم جميعاً. وقد توقعت العديد من الدراسات أن ينعكس أثر الجائحة في تلك الاستثمارات بتراجع قد يصل إلى 30% على الأقل. بيد أنَّ الأرقام العالمية للعام 2020 أظهرت تراجعاً على مستوى الغالبية العُظمى من دول العالم بنسب أقل من تلك التوقعات، وقد نال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجع وصل إلى نحو 13%، قي حين تأثر الأردن بتراجع في مستويات التكوين الرأسمالي الثابت، الناتج عن الاستثمار المحلي والأجنبي، بنسبة وصلت إلى ما يقرب من 7%. والمأمول أن يشكل العام 2021 بداية تحسُّنٍ دوليٍّ ملحوظٍ في نمو التكوين الرأسمالي الثابت، وخاصة عبر تدفقات الاستثمارات الخارجية، ومن الواضح أنَّ المنطقة العربية ستحظى بنصيب جيد من ذلك النمو، وعلى وجه التحديد في كلٍّ من الإمارات ومصر والسعودية. وقد نبع ذلك، في الدول الثلاث تتحديداً، من خلال التركيز على استدامة المناخ الاستثماري المُحَفِّز والجاذب للاستثمارات، والحفاظ على زخم بيئة استثمارية واعدة ومُستَقطِبة لرؤوس الأموال الباحثة عن الفُرص الواعدة، ضمن مرجعية استثمارية تقوم على صلاحيات وإصلاحات نابعة من تنافسية الدول وأولويات التنمية الاقتصادية فيها. المحصلة مما سبق، أنَّ المخرج الوحيد للدولة في تحقيق نمو وتنمية حقيقية يكمن، بل وينحصر، في تنشيط معامل الاستثمارات في الناتج المحلي الإجمالي، عبر بيئة استثمارية مُحَفِّزة للاستثمار المحلي، وجاذبة للاستثمار الخارجي، بيئة تقوم على سهولة الأعمال، وتنافسية الاقتصاد، ومعرفة أولويات التنمية فيه؛ بيئة يعتبرها صنّاع القرار همَّهم الوحيد في تحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية للدولة.
 
khwazani@gmail.com