آخر الأخبار

الدكتور زياد الخوالدة يكتب : العنف ضد المرأة

الدكتور زياد الخوالدة يكتب : العنف ضد المرأة
جوهرة العرب - د. زياد الخوالدة

تعد قضية العنف ضد المرأة قضية عالمية تعاني منها النساء في جميع أنحاء العالم، ولا يكاد يخلو مجتمع منها, مهما بلغت درجة تحضره أو تقدمه، فهي مشكلة تخترق كـل المجتمعـات الإنسانية, وكل الطبقات الاجتماعية على حد سواء، ولها عواقب صحية ونفسية على المدى القصير والبعيد على النساء، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام على الرغم من التطورات الرئيسية في مجال حقوق الإنسان, التي أسفرت عن الاعتراف بالعنف ضد المرأة باعتباره انتهاكاً جوهرياً تم تجاهله منذ زمن طويل لحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة
كما كشفت مديرية حماية الأسرة بأن عدد بلاغات حالات العنف ضد المرأة في عام 2020 قد زاد بنسبة (35%) عن العام الماضي، وهذا يعود إلى تأثير جائحة كورونا على الأسرة (صحيفة الرأي، 2020). لكن ليس هذا هو الواقع؛ لأن كثير من النساء اللواتي يتعرضن للعنف يخترن عدم طلب الدعم الاجتماعي بسبب مشاعر الخوف من ردود الفعل التي سيحصلن عليها من الآخرين، كما أن الإحصاءات المتوفرة عن حالات العنف ضد النساء المبلغ عنها للجهات الرسمية لا تعكس انتشار هذه الظاهرة، والسبب أن معظم ضحايا العنف لا يطلبن المساعدة فهذا يدل أن هناك تزايد كبير في أعداد وحالات العنف ضد المرأة في المجتمع الأردني، حيث اصبحت ظاهرة مقلقة لجميع الفئات. 
ومع توسع الأبحاث الأخيرة والحديث حول العنف ضد المرأة, أصبح التركيز على الأسباب المؤدية للعنف ضد المرأة. اﻻ أنه لا يوجد سبب واحد للعنف، فهناك عوامل متعددة ترتبط بالسلوك العنيف، بما في ذلك العوامل البيولوجية، وكذلك العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من العوامل الثقافية والبيئية، ولا يمكن تجاهل قضايا مثل الفقر والطبقة والجنس. وتفترض منظمة الصحة العالمية أن القوة والسيطرة هي المحفزات الكامنة وراء عنف الرجال تجاه النساء. ومن هنا يعرف العنف ضد المرأة بأنه: أي سلوك من قبل زوج حالي أو سابق يتسبب في ضرر بدني أو جنسي أو نفسي، بما في ذلك أعمال العدوان الجسدي والإكراه الجنسي والإيذاء النفسي والسلوك المسيطر.
وهناك العديد من الأثار السلبية الناجمة عن العنف على حياة النساء، بما في ذلك مواقعهن الاقتصادية, والصحة, والصدمة، إضافة إلى العديد من العواقب الجسدية والنفسية المرتبطة بالعنف .بالإضافة إلى ذلك، تعاني النساء اللواتي تعرضن للعنف من عواقب سلبية على معتقداتهن ونظرتهن لأنفسهن، أي الشعور بالخجل وتدني قبول الذات. أن العلاقة بين العنف ضد النساء وقبولهن لذواتهن وثقتهن بأنفسهن مرتبطتان بشكل سلبي كبير مع جميع أشكال الاعتداء؛ جسدي ونفسي واجتماعي واقتصادي. 
وعلى الرغم من أن العلاقة بين شدة العنف والمشاكل الاقتصادية وسوء الصحة لديهن ، إلا أنه تم إيلاء اهتمام أقل لفهم ما يساهم به العنف على نطاق أوسع وابعد في جودة حياة المرأة بمرور الوقت. إلى أن تعرض النساء للإساءة وسوء نوعية الحياة يستمر ويواجهن العديد من تحديات الحياة بما في ذلك المشاكل المالية والصحية وقضايا الأمن والسلامة. 
في حين أن المرأة تسعى بنشاط إلى استخدام استراتيجيات مختلفة للتعامل مع العنف في حياتها منها الانفصال عن الشريك المسيء، ويُنظر إليه على أنه حل مشترك لـلعنف يسمح للنساء بخلق حياة جديدة وأفضل ومع ذلك، هناك بعض الأدلة على أن الانفصال لا ينهي الكثير من المشاكل التي تواجهها. لذا لا بد من الحاجة إلى برامج إرشادية وخدمات نفسية لتدريب النساء على تنمية شعورهن بقيمة الذات، والاحساس بجودة الحياة أمراً مهماً لمواصلة حياتهن. وهناك أبحاث تدل على أن النساء اللواتي تعرضن لبرامج الإرشاد أصبحن قادرات على قبول الذات وقدرن أنفسهن من جميع جوانب حياتهن المختلفة؛ لذا تحتاج النساء المعنفات إلى المساعدة في التغلب على الآثار النفسية السلبية المرتبطة بالعنف كتدني قبول الذات والدونية والاحساس بجودة الحياة، ومساعدتهن في ايجاد واكتشاف معنى للحياة، يقود إلى حالة من النضج والنمو الأمثل..