آخر الأخبار

ثقافة الشارقة وندوة بعنوان "القصة القصيرة جداً": المفهوم والتقنية "

ثقافة الشارقة وندوة بعنوان القصة القصيرة جداً: المفهوم والتقنية
جوهرة العرب
 

 
نظمت دائرة الثقافة في الشارقة، صباح اليوم الثلاثاء في قاعة المؤتمرات بالدائرة، ندوة سردية جديدة بعنوان (القصة القصيرة جداً - المفهوم والتقنية)، وتحدث فيها كلاً من: الناقدة الإماراتية د. زينب الياسي، والناقد الفلسطيني سامح كعوش، فيما تولى القاص الإماراتي محسن سليمان إدارة الندوة، بحضور عدد من المثقفين والأدباء.
أشار محسن سليمان بدايةً إلى أن القصة القصيرة جداً تواجه إشكالية نقدية في تقييمها أو تجنيسها، معللاً بقوله "لأن هذا النوع من الأدب حساس جداً ومتلون إن جازت العبارة، لأنه من الممكن أن يظهر دون أن يعي الكاتب ذلك أو بغير قصد".
من جانبها، تناولت د. زينب ورقة نقدية تحدث خلالها عن القصة القصيرة جداً بوصفها  جنسا أدبيا حديثا "يمتاز بآليات فنية وبلاغية و أسلوبية، تجعل منه جنساً أدبياً منفرداً عن غيره من الأجناس الأدبية؛ فهو (قصة) تنتمي للقص حدثاً وحكاية وتشويقاً ونمواً و روحاً. و(قصيرة جداً) أي تتطلب التكثيفَ فكراً واقتصاداً و الإيجازُ لغةً وتقنياتٍ، كما أن موضوعاتَه تجيء متوافقةً ومنسجمةً مع هذه الآليات وملبيةً حاجةَ مؤلفِها ومتلقيِها و واقعِهما ، مما يجعلُها مغايرةً من حيث اللغةِ و الأسلوبِ و العمق الفكري".
وأبرزت الياسي أهم رواد القصة القصيرة جدا، واستحضرت في هذا السياق من فلسطين الشاعر والقصاص فاروق مواسي، ومن سوريا  المبدع زكريا تامر، ومن المغرب نذكر حسن برطال في مجموعة من أقاصيصه المتميزة بالروعة الفنية وهي منشورة في عدة مواقع رقمية وخاصة موقع دروب، وسعيد منتسب  في مجموعته القصصية ( جزيرة زرقاء 2003م)، وعبد الله المتقي في مجموعته القصصية( الكرسي الأزرق 2005م).
   كما تحدثت الياسي عن القصة القصيرة جدا في تناولها للهم الإنساني، وقالت :"لقد حضر الهم الإنساني و معاناة الآخر في القصة القصيرة جداً بحيث لامس عدد منهم بقلمه وجع الآخرين وشارك في رفضه ورسم ملامحه و عدّه همه و وجعه    ــــ وإن عُدت النصوص محدودة ــــ فالقاص الإماراتي يعيش هم و معاناة الإنسان و يتأثر بما يسمعه ويراه من حوله ، فيؤثر في عقله و وعيه وقلمه وما ينتجه و ينجزه ؛ ففي عدد من القص نجد هذا الهم حاضراً، و التفاعل معه أنتج نصوصاً غاية في التبئير الحدثي وبالتالي وعياً جمالياً بفكرة القص. ففي قصة (الجديلة الحلم) للكاتبة حصة لوتاه، ترسم القاصة من خلاله بقلمها حلم أم  تحتضن طفلتها الوليدة بيديها بعد وضعها بها، تتخيلها تتمرحل بطفولتها ، تمارس أمومتها نحوها، تظفر جذائلها، ترعاها إلى أن تكبر ، و لكنه يبقى حلماً لايتحقق".
من جهته، استعاد الناقد سامح كعوش تاريخية القصة القصيرة جداً في الإمارات، وأشار إلى قول الدكتور يوسف حطيني، أننا نستطيع استكشاف وجود بعض الشذرات القصصية القصيرة جدا في بعض المجموعات القصصية الإماراتية بدءاً من مطلع تسعينات القرن الماضي مع نصوص قصصية لناصر جبران منها ما هو مؤرخ عام 1991، وتابع في هذا الصدد "إلا أن التمظهر الأكثر وضوحاً لهذا النوع من القص بدأت مع مجموعتين قصصيتين صدرت الأولى عام 2011 والثانية عام 2012، وهما "لا عزاء لقطط البيوت" لعائشة الكعبي، و"تفاحة الدخول إلى الجنة" لسلطان العميمي".
وتناول كعوش في ورقته النقدية عدة أمثلة قصصية، وتوقف عند الأديبة باسمة يونس، وقال :" في محطة سريعة لنا، نتوقف عند باسمة يونس، وخاصة في مجموعتها القصصية القصيرة جدا في أغلب قصصها "ما زلتُ أكتب وأمحو"، لنتبين آليات التضاد المدهش في القصص الإماراتية القصيرة جدا، فمفردتا العنوان بين الكتابة والمحو، تتحولان إلى فاتحة كتاب أو باب إلى عوالم السرد المتشظية بلا حدود واضحة لحبكتها كأنها امتداد التداعي التخيلي الحر، ويأتي ذلك كما لو أنه تطبيق حرفي لمقولة أمبيرتو إيكو في كتابه "آليات الكتابة السردية"، يقول: "الحال أن العنوان، ونحن نتأسف لذلك، هو أحد المفاتيح التأويلية، فنحن لا نستطيع أن نفلت من الإيحاءات التي تشير إليها عناوين مثل "الحرب والسلم"، و"الأحمر والأسود".
وفي نهاية الندوة، تناولت مداخلات من الحضور عدد من الأسئلة حول القصة القصيرة وماهية عناصرها وسماتها، إضافة إلى نقاط أخرى تتعلق بانتشار هذا الفن عربياً وإماراتياً، والتجارب البارزة فيه، والآفاق المستقبلية التي تنتظره؛ سواء على مستوى الكتابة الإبداعية أو على مستوى الممارسة النقدية، ذلك أن القصة القصيرة جداً فرضت وجودها على المشهد العربي بوصفها ظاهرة فنية مثيرة للجدل، وقد كان لها دور ملموس في التحفيز على تحريك المشهد، وطرح أسئلة دقيقة وجديدة حول هوية هذا الفن، وطبيعته، وخصائصه، ومشروعية التعامل معه جنساً أدبياً متمايزاً ومستقلاً بذاته عن الأجناس الأدبية الأخرى.